تعمَّد جيش الاحتلال الصهيوني وحكومته الفاشية على مدار عامٍ من العدوان على قطاع غزة ارتكاب أفظع المجازر في حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على القطاع المحاصر، في محاولة لدفن صورة الذل والعار التي لحقت بالجيش المهزوم في أحداث السابع من أكتوبر المجيد، يوم داستهم أقدام كتائب القسام والمقاومة في قطاع غزة، وتبخرت أكذوبة “الجيش الذي لا يهزم”.
في أول تصريحات لرئيس حكومة الإبادة الجماعية ووزرائها، توعدوا غزة بكافة جرائم الحرب غير الأخلاقية، مستندين إلى نصوص تلمودية تحض على الإبادة والمجازر والتهجير والتجويع.
لم يبقَ قانون دولي أو إنساني إلا اخترقه الجيش النازي في حربه على غزة، فمع ضربات المقاومة الموجعة، اعتمد الاحتلال سياسة القتل العشوائي، وتدمير البيوت على رؤوس سكانها، وقتل أكبر عدد من المدنيين، وملاحقة النازحين في خيامهم وداخل مدارس الإيواء، في جرائم حرب مثبتة وسط صمت العالم عن أكبر جريمة تشهدها الإنسانية في العصر الحديث.
42 ألف شهيد
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد أكثر من 42 ألف فلسطيني، في أكثر من 3584 مجزرة ارتكبها الاحتلال، وأن 60% من الشهداء هم من الأطفال والنساء والمسنّين، وتجاوز عدد الأطفال الشهداء 12 ألف شهيد، وبلغ عدد الأطفال الذين ولدوا واستشهدوا في الحرب 180 طفلًا، كما استشهد 800 طفل لم يُكملوا عامهم الأول، فيما أصيب خلال حرب الإبادة ما يقارب 100 ألف مواطن بإصابات مختلفة.
وكشفت هذه الحرب النازية عن تعطش هذا الاحتلال الفاشي وجيشه المهزوم للدم، فلم يبقَ مكان آمن إلا وقصفه متعمدًا ارتكاب أكبر قدر من المجازر بحق المدنيين الآمنين، فقصف المستشفيات واقتحمها، وقصف المدارس وأباد من فيها، واستهدف خيام النازحين وأي مكان يلجؤون إليه، حتى المقابر لم تسلم من صواريخ جيش الاحتلال وعنجهيته.
مجازر مروعة
وخلال عام من الإبادة والقتل بدم بارد ارتكب جيش الاحتلال النازي بعض المجازر التي لا يمكن تصورها أو حتى تصديقها، أمام أنظار وأسماع العالم، كان من أبرزها:
مجزرة مستشفى المعمداني
في 17 من أكتوبر لعام 2023، وفي مشهدٍ دامٍ، قصف طائرات الاحتلال ساحة المستشفى الأهلي العربي “المعمداني” التي ضمت مئات العائلات النازحة، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 500 شهيد جُلّهم من النساء والأطفال، وإصابة العشرات.
مجزرة مخيم جباليا
وفي 31 من أكتوبر 2023 دمرت طائرات الاحتلال الصهيوني حيًا سكنيًا فوق رؤوس ساكنيه في مخيم جباليا، وأسفرت هذه المجزرة المروعة عن استشهاد وجرح أكثر من 400 مواطن، معظم الشهداء كانوا من الأطفال.
مجزرة مدرسة الفاخورة
وفي 18 نوفمبر 2023 استهدفت طائرات الاحتلال الصهيوني آلاف النازحين في مدرسة الفاخورة التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا” شمال غزة، وراح ضحية هذه المجزرة الصهيونية أكثر من 200 بين شهيد وجريح.
مجزرة دوار النابلسي
بعد أن فصل الاحتلال بالنار بين المواطنين في شمال قطاع غزة وجنوبه، وفرض التجويع على سكان الشمال الذين صمدوا ورفضوا الرضوخ لعنجهية الاحتلال وبطشه، وفي 29 فبراير 2024، استهدف جيش الاحتلال المجرم تجمعًا للمواطنين الذين كانوا ينتظرون وصول شاحنات المساعدات إلى شارع الرشيد فيما عرف بـ “مجزرة الطحين”، والتي أدت إلى استشهاد 118 مواطنًا وإصابة 760 آخرين.
مجزرة مستشفى الشفاء
وفي 18 مارس والأول من أبريل 2024، حاصر جيش الاحتلال الإرهابي مجمع الشفاء الطبي في مدينة غزة لمدة أسبوعين، وأقدمت على ارتكاب المجازر بالمتواجدين بالمجمع ومحيطه، وتكشف حجم المجزرة مع انسحاب قوات الاحتلال من المنطقة، حيث استشهد 400 مواطن في المجمع ومحيطه.
محرقة الخيام
وفي 26 مايو 2024 ارتكب جيش الاحتلال واحدة من أفظع مجازره في قطاع غزة، بعد أن شن الطيران الصهيوني عدة غارات على مخيم للنازحين في منطقة تل السلطان شمال غرب مدينة رفح، والتي قال الاحتلال إنها مناطق آمنة لنزوح المدنيين، وراح ضحية هذه المجزرة 45 شهيداً و249 مصاباً معظمهم من النساء والأطفال.
مجزرة مدرسة النصيرات
وفي السادس من يونيو لعام 2024، قصفت طائرات الاحتلال الصهيوني مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين في مخيم النصيرات والتي تؤوي المئات من العائلات النازحة، ما أدى إلى استشهاد 40 مواطنا وإصابة 74 آخرين.
مجزرة المواصي
وفي13 يوليو لعام 2024 واصل جيش الاحتلال الصهيوني مجازره بقصف خيام النازحين وبعض الأبنية في مدينة خانيونس، في المنطقة التي ادعى جيش الاحتلال أنها آمنة، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 90 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 300.
مجزرة مدرسة التابعين
وفي العاشر من أغسطس من عام 2024 ارتكب جيش الاحتلال الصهيوني مجزرة مروعة عرفت باسم “مجزرة الفجر” باستهداف النازحين الذين كانوا يؤدون صلاة الفجر في مدرسة التابعين في حي الدرج بمدينة غزة، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 100 مواطن، إضافة لعشرات الإصابات معظمهم من النساء والأطفال.
مجزرة ارتكبها الاحتلال باستهداف مدرسة التابعين بـ3 صواريخ بحق نازحين كانوا يؤدون صلاة الفجر في المدرسة الواقعة بمنطقة حي الدرج وسط مدينة غزة، ما أسفر عن استشهاد أكثر من 100 فلسطيني وعشرات الإصابات معظمهم من النساء والأطفال.
إضافة إلى هذه المجازر المروعة ارتكب جيش الاحتلال الإرهابي عشرات المجازر والإعدامات الميدانية بحق المواطنين في جميع مناطق قطاع غزة، والتي لم تستطع الكاميرات تسجيلها، إضافة إلى اللقطات التي استطاعت أن تسجل وحشية هذا الكيان الغاصب وجنوده المتعطشين للدم.
ومع تصاعد هذه الجرائم الرهيبة، تبرز تساؤلات جوهرية: كيف لجريمة الإبادة الجماعية أن تحقق نصرًا عسكريًا؟ وهل بإمكان قصف الأبرياء أن يمحو الهزيمة العسكرية النكراء التي تجرعتها دولة الاحتلال المارقة؟ الحقيقة الساطعة كالشمس أن هذه الجرائم لم تحقق للاحتلال الإرهابي شيئًا سوى مزيد من الإدانة الدولية والعزلة السياسية.
إن استهداف الأطفال والنساء لن يعيد لدولة الإبادة هيبتها المفقودة، ولن يغير شيئًا من حقيقة فشلها الذريع في تحقيق أهدافها العسكرية.
إن الإبادة الجماعية التي تمارسها دولة الكيان الإرهابي والتي تتظاهر بعظمة القوة والجبروت، تكشف عجزها عن تحقيق نصر حقيقي على الأرض، فهذا العنف المتعمد، الذي يستهدف الأبرياء، لم يكن إلا صرخة يأس من كيان بات يدرك أن قوته العسكرية لا تجدي نفعًا في مواجهة إرادة الشعب الفلسطيني، والجريمة مهما تعاظمت، لا يمكنها أن تخلق نصرًا، ولا أن تمحو صورة الهزيمة المنقوشة في ذاكرة التاريخ.