أكد أبو عبيدة الناطق العسكري باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، أن المقاومة في السابع من أكتوبر وجهت ضربة استباقية هائلة للعدو بعدما وصل تخطيطه لضربة كبرى للمقاومة في غزة بكافة فصائلها إلى مراحلها النهائية.
عامٌ على الطوفان
وقال أبو عبيدة في الذكرى الأولى لمعركة طوفان الأقصى اليوم الإثنين، “إن عامٌ مرّ على عملية الكوماندوز الأكثر احترافية ونجاحًا في العصر الحديث، والتي استهدفت فرقة عسكرية مجرمة، معززة بكل منظومات القتال والاستخبارات، في عملية هزت العدو الإسرائيلي وغيرت وجه المنطقة”.
وأضاف: “بعد أن وصل عدوان الاحتلال على الأقصى مرحلة خطيرة غير مسبوقة، وبعدما تغول في الاستيطان والتهويد والعدوان على الأسرى وانتهاك كل المحرمات والحصار المطبق على غزة، بعد كل هذا كان القرار بتنفيذ الهجوم الاستراتيجي التاريخي ضد فرقة غزة وحامياتها العسكرية وطوقها الاستيطاني المقيت الذي يجثم على قلوب أهلنا ويحاصرنا، ويرتكب ضدنا منذ عشرات السنين كل الجرائم التي عرفتها الأمم”.
وتابع: “قرارنا بإشعال معركة طوفان الأقصى كان صرخة في وجه العدو والعالم الصامت، أو المتآمر، أو العاجز أمام قهر شعبنا، حكومة الاحتلال الحالية، بحقدها الإرهابي، لا تريد أن ترى فلسطينياً غرب نهر الأردن، هذا ما عبر عنه نتنياهو بخرائطه التي عرضها أمام العالم”.
وأردف: “رغم بطش العدو ومن ورائهم من قوى البغي والإجرام، وعلى رأسها الإدارة الأمريكية وبعض الحكومات الغربية، فالتحية لشعبنا العظيم السند والظهير والنصير الذي لن تضيع تضحياته سدى، وما كان الله ليضيع إيمانكم وصبركم وثباتكم، يا أهلنا يا تاج رؤوسنا”.
محور المقاومة
وشدد أبو عبيدة على أن هناك جبهات مشتعلة تقاتل إلى جانب شعبنا وتسنده، وتقطع أمل العدو بالبقاء مستقراً، جبهات تقاتل العدو مباشرة اليوم وتلتحم معه وتكبده خسائر كبيرة وتسدد له الضربات المؤلمة من لبنان العظيم الشامخ، ومن اليمن الحر المقاتل، ومن عراق الحضارة والمجد.
وأشار إلى أن مُسيّرات لبنان واليمن والعراق وصواريخها تحلق في سماء فلسطين المحتلة، وتضرب مواقع وأهداف مهمة للعدو، فتستنزف قدراته الأمنية والدفاعية وتربك توازنه، وتكبده خسائر اقتصادية وعسكرية كبيرة، كما تفرض عليه تهجيراً وتغلق عليه المنافذ البحرية بشكل شبه كامل.
وفي رسالته إلى مقاتلي حزب الله في لبنان قال أبو عبيدة: “إننا على ثقة بصمودكم وشجاعتكم في تكبيد قوات العدو الصهيوني خسائر كبيرة ومؤلمة، كما وعد الشهيد السيد حسن نصر الله في مواقفه المعهودة، إننا نراهن على بسالتكم وقوتكم في المعركة”.
وأضاف: “لقد أنهكنا في غزة هذا الجيش المهزوم على مدار عام كامل بعد هزيمته المذلة في السابع من أكتوبر، وأفقدناه نسبة كبيرة من قدراته على الأرض، وقتلنا قوات نخبته المزعومة بالمئات، التحامنا وجهاً لوجه مع جنوده أثبت فشل طائراتهم ودباباتهم واستخباراتهم، ونحن على يقين بأنكم في حزب الله ستكملون المهمة بكفاءة واقتدار إذا تجرأ العدو على ارتكاب الحماقات على أرض لبنان”.
ولفت إلى أن الجمهورية الإسلامية في إيران تشتبك مع العدو الإسرائيلي، وتوجه له ضربات الوعد الصادق واحد واثنان، وتنهمر الصواريخ الباليستية على قواعد العدو بالعشرات في سابقة تاريخية، تكسر قواعد طالما رسخها العدو مع شعوب ودول المنطقة، بأنهم بعيدون عن العقاب ومستثنون من المحاسبة على جرائمهم.
وبيّن أبو عبيدة أن ماهر الجازي أشعل فتيل جبهة أردنية عربية أصيلة، ملتحمة شعورياً وتاريخياً وجغرافياً مع بلادنا وشعبنا، متابعًا أن “الكيان الإسرائيلي في العالم ككيان وحشي قاتل مجرم، منبوذ من كل أمم الأرض وشعوبها الحرة، كيان لا يفكر سوى في بناء الجدران والأسوار والمناطق العازلة”.
وقال أبو عبيدة: “لا يعتمد هذا الكيان إلا على سلاح الجو الأمريكي الصنع والتوجيه، ولا يشده إلا حبال الإدارات الأمريكية المعهودة، التي ستنقطع مهما طال الزمن، كما يعتمد على حبال أوروبية استعمارية منبوذة حتى من شعوبها، وعلى أنظمة مطبعة عاجزة لا تمثل ضمير أمتنا بشيء”.
وشدد أبو عبيدة على أن المجاهدين والمقاومين من كل الفصائل يواصلون حالة صمود وقتال بطولي بكل عزيمة وصلابة، في كل شبر من قطاع غزة، حيثما تواجد جنود العدو أو آلياته أو حشوده العسكرية، يواجهون قتالاً بطولياً غير مسبوق.
وأضاف قائلاً: “لقد طورنا بفضل الله تكتيكاتنا وتشكيلاتنا القتالية وأساليب عملنا بشكل مستمر، بما يتناسب مع الظروف الراهنة ومع كل السيناريوهات المحتملة”، مشددًا “قرارنا وخيارنا وهو الاستمرار في المواجهة، في معركة استنزاف طويلة ومؤلمة ومكلفة للعدو بشدة طالما أصر على استمرار العدوان”.
وعن سياسية الاغتيالات قال أبو عبيدة: ” لو كانت الاغتيالات نصراً، لكانت المقاومة انتهت منذ اغتيال الشيخ عز الدين القسام قبل 90 عاماً، ومع ذلك، استمرت المقاومة وازدادت قوة، ولو كان البطش وهدم البيوت والانتقام يوقف المقاومة، لما كان أبطال غزة يذلون العدو في كل شارع وزقاق بعد كل حرب”.
الضفة الغربية
وأكد أبو عبيدة أن شعبنا وشبابه المجاهد من كل الأطياف فهم أن هذا العدو لا يفهم إلا لغة القوة، وأن السلاح لا يواجه إلا بالسلاح. مضيفًا: “في الضفة الغربية، من جنين إلى نابلس، لقن مقاومونا العدو دروساً قاسية، تذكيراً بأن شعبنا لن يتراجع حتى استعادة حقوقه كاملة، وما عملية يافا الأخيرة وما سبقها من عمليات بطولية لمجاهدينا في الضفة إلا حلقة فيما هو قادم”.
وفي رسالة لمقاومي الضفة قال الناطق باسم القسام: “لقد هزت عملياتكم كيان العدو، وندعوكم لتصعيدها للرد على عنجهية حكومة العدو النازية، آمال شعبنا وكرامته كانت دوماً رديفة لفوهات البنادق وضربات الرد المقدس ضد قطعان المستوطنين وجنود الاحتلال، نحن على ثقة أن المقاومة ستواصل تصعيد ضرباتها”.
ملف أسرى العدو
وفيما يتعلق بملف أسرى العدو وجه أبو عبيدة رسالة لجمهور الاحتلال وعائلات أسرهم “أنه كان بإمكانهم استعادة أسراهم أحياء منذ عام، لو أن ذلك تماشى مع طموحات نتنياهو ومصالحه، لكانت الصفقة تمت، حرصنا منذ اليوم الأول على حماية الأسرى والحفاظ على حياتهم”.
وأضاف: “لا يعقل أن نقصد قتل الأسرى أو إيذاءهم، فهذا ليس من تعاليم ديننا وهدفنا الإنساني من احتجاز الأسرى هو مبادلتهم بأسرانا وبحقوق شعبنا، ما حدث مع الأسرى الستة في رفح قد يتكرر طالما أن حكومة نتنياهو تتعنت وتضع العراقيل أمام صفقة التبادل”.
وتابع: ” لدينا تعليمات واضحة لكل المجموعات المكلفة بحراسة الأسرى: دخول أي منطقة اشتباك يعرض الأسرى لخطر نيران المعارك، وهذا ما حدث في حالات سابقة وربما يتكرر مستقبلاً، مصير أسرى العدو مرهون بتصرفات حكومته، فكلما طال تعنتها، ازدادت المخاطر على الأسرى”.
وأوضح أنه وبعد مقتل عدد من أسرى العدو بنيران جيشهم أو بتسبب حكومتهم، فإن حالة الأسرى المتبقين باتت صعبة للغاية، مضيفًا: “لا نستبعد أن يدخل ملفهم إلى نفق مظلم، ربما يخلق عشرات “رون أراد” جدد، ليكون ذلك أكبر دليل على فشل العدو الاستراتيجي والأخلاقي في تاريخه”.
تضامن واسع
ودعا الناطق باسم القسام إلى أكبر تضامن إسلامي وعربي وعالمي مع الشعب الفلسطيني، مطالبًا بالدعم العسكري والمالي واللوجستي للمقاومة، وبالتظاهرات والاحتجاجات الشعبية، ومقاطعة العدو وحلفائه في كل مكان.
كما دعا إلى إطلاق أكبر حملة إعلامية عربية وإسلامية ودولية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومته، ومواجهة آلة الكذب الصهيو-أمريكية المضللة، نحث أيضاً على شن أوسع هجوم سيبراني على الكيان الصهيوني من جميع خبراء الحرب الإلكترونية ومؤيدي المقاومة.
ودعا نخب وعلماء الأمة إلى تجاوز التضامن القلبي واللفظي الخجول، متسائلًا: “هل تنتظرون صباحاً تستيقظون فيه على خبر هدم المسجد الأقصى المبارك، لا قدر الله؟”.