أكد نائب رئيس حركة حماس في قطاع غزة الدكتور خليل الحية، أن تصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأخيرة تؤكد ما كانت الحركة تقوله دائماً: إن حكومة الاحتلال بقيادة نتنياهو لا ترغب في الوصول إلى وقف إطلاق النار ولا تريد تبادل أسرى حقيقياً.
وقال الحية في مقابلة مع قناة الجزيرة: “لطالما قلنا منذ شهور، وقلنا للوسطاء وقلنا للجميع إننا جاهزون إذا ما كان بين أيدينا نص واضح وعرض واضح لوقف إطلاق النار والانسحاب الشامل من قطاع غزة، وأن نذهب لتبادل صفقة حقيقية.”
وأوضح الحية أن نتنياهو يقول للجميع بكل وضوح: “أنا لا أريد وقف الحرب، أريد أن أقوم بعمل جزئي، هدنة مؤقتة لاسترداد مجموعة من الأسرى الإسرائيليين بيد المقاومة ثم أستأنف الحرب”، وأكد أن هذا هو الموقف الحقيقي لنتنياهو، وكل ما سوى ذلك هو تزيين للكلام وإعادة الكلمات من هنا وهناك.
وأشار الحية إلى أن حركة حماس مستعدة وجادة مباشرة، للدخول في مفاوضات حقيقية وجادة إذا ما التزم الاحتلال الإسرائيلي بمبادئ الرئيس بايدن وما يحققه لإرادة الشعب، وهو وقف العدوان الإسرائيلي والانسحاب الشامل الكامل من قطاع غزة، والذهاب لصفقة جادة.
وأكد الحية أن نتنياهو لا يريد إبرام صفقة، ويتسلى على هؤلاء الذين يلتقيهم بين الحين والآخر، مضيفاً: “في كل يوم يعلن هذه التصريحات الجوفاء التي مضى عليها ما يقرب من تسعة أشهر، فلا قضى على المقاومة ولن يستطيع أن يسترد الأسرى بدون صفقة مع المقاومة الفلسطينية، التي تمثلها حماس، ولن يستطيع أن يفرض كل ما يريد”.
وختم الحية بالقول: “نتنياهو يعلن صراحة أفكاراً وشعارات لاستمرار الحرب والعدوان، وهذا في ذمة الوسطاء، وفي مقدمتهم أمريكا التي هي شريكة في هذه الحرب، واليوم تصريحات ومصداقية الرئيس الأمريكي بايدن على المحك، وكذلك قرار مجلس الأمن الذي اعتمد بشبه إجماع”.
وأضاف الحية أن حركة حماس لم تغير موقفها من مقترحات الرئيس الأمريكي جو بايدن، مشيراً إلى أنهم رحبوا بها عندما أعلنها في الثلاثين من الشهر الماضي، وكذلك رحبوا بقرار مجلس الأمن الذي تبنى هذه القضايا.
وأكد الحية: “ما زلنا نرحب بهذا الموقف، وما زلنا جادين، وما زلنا مستعدين للوصول إلى اتفاق حقيقي يوقف بموجبه هذا العدوان الغاشم ونذهب لصفقة تبادل حقيقية”.
وأعرب الحية عن أمله في أن ينجح الوسطاء، من الإخوة القطريين والمصريين، بالتعاون مع الإدارة الأمريكية، في إلزام الاحتلال بالوصول إلى هذه الصفقة وإنهاء الحرب والعدوان على الشعب الفلسطيني.
وأشار الحية إلى أن المفاوضات هي مفاوضات ولكن هناك مبادئ واضحة منذ بدء التفاوض في أول ديسمبر الماضي، موضحاً أن الاحتلال يحاول التهرب منها، وقال: “المبدأ الأول هو وقف الحرب ووقف إطلاق النار الدائم والشامل والانسحاب الشامل، المبدأ الثاني هو عودة النازحين، والثالث هو الإغاثة وإعادة الإعمار، والمبدأ الرابع والأهم هو تبادل أسرى حقيقي”.
وتابع الحية: “هذه أربعة مبادئ وأفكار واضحة، وهناك تفاصيل كثيرة، ونحن لسنا بعيدين عنها، فالأوراق المتبادلة قريبة، ولكن محور الاختلاف اليوم هو أن الحكومة الإسرائيلية غير موافقة حتى الآن على مبدأ وقف إطلاق النار”.
وأوضح الحية أن المقترح الإسرائيلي يريد تنفيذ المرحلة الأولى فقط، مما يفقد ترابط المراحل وتلاحمها وتلازمها مع بعضها بعضا، وأضاف: “إذا ما توفرت إرادة عند الاحتلال الإسرائيلي وكان جاداً في وقف العدوان، أعتقد أننا يمكن أن نبرم اتفاقاً مباشرة”.
المقاومة قادرة على استنزاف الاحتلال
وشدد نائب رئيس حركة حماس في قطاع غزة أن المقاومة الفلسطينية مستمرة في قدرتها على استنزاف الاحتلال الإسرائيلي، مؤكداً أن الميدان هو من يصدق أو يكذب ادعاءات الاحتلال بالانتصار.
وقال الحية: “إذا أراد الاحتلال أن يعلن أنه انتصر على القسام وحقق أهدافه، فليفعل وليقل ما يشاء، والميدان يصدق ويكذب، المقاومة وما تحدثنا به قبل قليل عن العملية المركبة لكتائب القسام وبقية الفصائل الفلسطينية تؤكد حيوية المقاومة وقدرتها على استنزاف العدو، إذا العدو يريد أن يقنع نفسه أنه انتهى، فليفعل وليخرج”.
وأضاف الحية أن حماس تريد أن ينتهي هذا العدوان وهذه الحرب باتفاق على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مباشرة، وحذر قائلاً: “أما إذا أعلن الاحتلال أنه أكمل عملياته وخرج من رفح، فلن يحدث تبادل أسرى ولن تتوقف الحرب، وستبقى حالة الاستنزاف المتبادلة”.
واتهم الحية نتنياهو بمحاولة إشعال الجبهات في كل الأماكن ليبقى في سدة الحكم، مؤكداً أن من واجب المجتمع الدولي والقوى الكبرى إلزام الاحتلال بوقف إطلاق النار الدائم. وقال: “نتنياهو يريد أن يشعل الجبهات بالكامل في كل الأماكن حتى يبقى في سدة الحكم ويبقى في رئاسة حكومته الفاشية.”
وأكد الحية أن المقاومة ستستمر في الدفاع عن الشعب الفلسطيني، وأن الأيدي ممدودة لإبرام صفقة حقيقية بموجبها يتوقف العدوان ويتبادل الأسرى، ثم يتم إعادة الإعمار وترميم ما دمره الاحتلال بشكل كبير في قطاع غزة.
اتساع الحرب سيشعل كل المنطقة
وأشار الحية إلى أن الكيان الصهيوني فشل فشلاً ذريعاً في حربه في غزة حتى الآن، وقال: “الشهر التاسع يكاد ينقضي، لن يكون قادراً على تحويل دفة الحرب إلى الشمال قبل أن ينتهي من جبهة الجنوب”.
وحذر الحية من أن شن الاحتلال حرباً واسعة على لبنان سيدخله في أتون حرب ونار مستعرة سيتلظى بها الاحتلال ومكوناته، مؤكداً أن الجبهة اللبنانية إذا ما انفتحت الحرب فيها، ستفتح جبهات أخرى وستشعل حرباً مستعرة على الاحتلال الإسرائيلي، وقال: “ستكون إسرائيل، دولة الاحتلال والكيان الغاصب، أمام تحدي الانهيار والإزالة إلى الأبد، إن شاء الله تعالى”.
وتساءل عن قدرة دولة الاحتلال، التي تعاني من أزمات عديدة، على فتح جبهة متكاملة وكبيرة، وقال: “هل إسرائيل، التي تعاني من اقتصاد متدهور، وعزلة سياسية دولية، وخلافات داخلية، وأزمات وجيش منهار، قادرة على أن تفتح جبهة متكاملة وكبيرة؟ أعتقد أن هذا برسم الواقع، ربما يكون ذلك حلماً عند نتنياهو، وإذا ما أراد أن يحققه، يعني أنه يدخل في أتون حرب كبيرة ربما تشمل المنطقة، وربما، إن شاء الله، تكون قضاءً على الاحتلال وطموحه”.
وأكد الدكتور خليل الحية أن الاحتلال إذا وجه نيرانه إلى الشمال، فإن الجبهة الشمالية متشابكة مع الحدود مع الأردن وسوريا والعراق، مشيراً إلى أن دخول إسرائيل إلى ساحة جديدة غير غزة سيشكل تحدياً كبيراً لها، قائلاً: “إذا دخلت إسرائيل إلى ساحة أخرى غير ساحة غزة البعيدة عن كل العالم، ستدخل هناك إلى الشمال براً وبحراً وجواً، فهل تستطيع إسرائيل مواجهة كل هذه التحديات؟”.
وأضاف الحية أن المنطقة على فوهة بركان، ومصالحها ستكون على صفيح ساخن إذا اتسع نطاق العدوان الإسرائيلي، وأكد قائلاً: “إذا دخل الاحتلال الإسرائيلي، وأنا ربما لا أرجح ذلك حسب تقديري وربما أكون مخطئاً، فإن المنطقة على فوهة بركان، ومصالح المنطقة كلها ستكون على صفيح ساخن، وربما تشتعل المنطقة بشكل كامل، ليس فقط الجبهات المفتوحة، ربما تفتح جبهات أخرى لا نعلمها”.
وأعرب الحية عن ثقته في الشرفاء والأحرار في العالم من العرب والمسلمين والدوليين، داعياً النخب السياسية والشعوب للضغط على الاحتلال، وقال: “نعول على كل الشرفاء في العالم، على كل الأحرار من العرب والمسلمين والدوليين، نعول على النخب السياسية، ونعول على الشعوب، ونعول على هؤلاء الذين خرجوا في الميادين من طلاب ورجال هنا وهناك في كل الساحات، هذا هو الضغط الذي نعول عليه”.
وأبدى الحية أمله في أن يتحول النظام العربي الرسمي إلى فعل حقيقي يلزم الاحتلال بوقف العدوان، مؤكداً ضرورة التضامن العربي المشترك وعودة القضية الفلسطينية كقضية مركزية للأمة، وقال: “نأمل، إن شاء الله تعالى، من النظام العربي الرسمي أن يتحول إلى فعل حقيقي ملزم للاحتلال، وأن يتقدم خطوة إلى الأمام في التضامن العربي المشترك والحفاظ على الهوية العربية والحفاظ على المقدرات العربية، وعودة القضية الفلسطينية كقضية مركزية للأمة”.
وعلى صعيد الخلافات الصهيونية، أشار الحية إلى أن الخلافات المحتدمة داخل المجتمع الصهيوني تتصاعد يوماً بعد يوم، وأوضح أن هذه ليست مجرد خلافات على قانون، بل تتجذر فيها الخلافات السياسية وفقدان الثقة بالدولة والمنظومة الحاكمة، وقال: “ما يحدث في الكيان الصهيوني من خلافات داخلية محتدمة تتصاعد يوماً بعد يوم ليست مجرد خلافات على قانون أو بين أفراد المجتمع؛ المجتمع الصهيوني اليوم تتجذر فيه الخلافات السياسية، وأعمق من ذلك هناك فقدان للثقة بالدولة، وفقدان للثقة في المنظومة الحاكمة”.
وأكد الحية أن الهوية الصهيونية التي جمعت المجتمع الإسرائيلي على الحماية الشخصية بدأت تتبدد، مشيراً إلى أن الاحتلال يتحدث عن أكثر من نصف مليون إسرائيلي غادروا فلسطين المحتلة منذ السابع من أكتوبر وحتى الآن، قائلاً: “المجتمع الصهيوني يتميز – وإن كان يميل برمته أو في أغلبيته للتطرف والعدوان – بأن الهوية الصهيونية التي جمعتهم على الحماية الشخصية بدأت تتبدد، اليوم الاحتلال يتحدث عن أكثر من نصف مليون إسرائيلي غادروا فلسطين المحتلة منذ السابع من أكتوبر حتى الآن، غادروا بلا رجعة”.
الجيش الصهيوني فقد الثقة والكيان يتآكل من الداخل
وشدد الدكتور خليل الحية، نائب رئيس حركة حماس في قطاع غزة، على أن الجيش الصهيوني فقد الثقة بنفسه بشكل كبير، وأوضح أنه إذا ما تشكلت لجنة لمحاسبة الذين أخفقوا في تقدير الموقف للسابع من أكتوبر، فإن ذلك يعني دخول الكيان الصهيوني في حالة من عدم الثقة والارتباك الداخلي التي لن يوقفها إلا وقف العدوان أو الذهاب إلى خيارات بعيدة.
وأشار الحية إلى أن الكيان الصهيوني ليس مرشحاً للبقاء كما كان، بعد 76 عاماً من إدارة حالة الزيف والصورة الجمالية التي كان يروجها، وعاد اليوم أمام العالم ليظهر على حقيقته، فهو لا ديمقراطي ولا قوة مهابة، ولا يملك اقتصاداً يمكنه مجاراة العالم، وأكد الحية أن الكيان الصهيوني داخلياً مفكك، واقتصاده غير قادر على تلبية الحاجات، ويعاني من العزلة الدولية أمام هذه التحديات الكبيرة وعدم قدرته على تحقيق أهدافه.
وقال الحية: “هذا الكيان من داخله يتآكل، ودائماً كما قالوا في حركة الشعوب والدول وغيرها، إذا ما بدأت الكيانات تتآكل من داخلها، فالانهيار وسقوط السقف على الأرض هو المرجح”.
وأضاف الحية أن الحكومة الصهيونية الفاشية، منذ يوم مجيئها، تعتبر ضم الضفة الغربية واستيطان ما تبقى من أراضي الضفة هدفها المباشر، وأوضح أن الجيش الإسرائيلي تخلى عن أكثر من 60% من مسؤوليته على الضفة الغربية وتركها لقطعان المستوطنين ولجهة وزير المالية الصهيوني سموتريتش.
وأشار الحية إلى أن الاستيطان يبتلع الضفة الغربية رويداً رويداً، مضيفاً أن التحدي أمام الفلسطينيين هو الوقوف صفاً واحداً في مواجهة غول الاستيطان وضم الضفة الغربية.
وأكد الحية: “لا يكون ذلك إلا بمواجهة هذه المشاريع الصهيونية بالمقاومة الشاملة التي لا تستثني شيئاً من أساليب مواجهة هذا العدوان، وشعبنا إن شاء الله تعالى عودنا أنه قادر على الصمود والوقوف في كل التحديات التي تواجه قضاياه المصيرية”.