أكد القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس أسامة حمدان أن الاحتلال الصهيوني يواصل لليوم الرَّابع والثلاثين بعد المئتين عدوانه الهمجي وحرب الإبادة الجماعية ضد شعبنا الفلسطيني في قطاع غزَّة، مرتكباً أبشع المجازر والمذابح التي لم يسبق لها مثيلٌ في العصر الحديث، في استهتارٍ بكلّ القرارات الأممية والمواثيق الدولية، وانتهاك لكل القيم والأعراف والشرائع السَّماوية، وتأكيداً لطبيعة هذا الاحتلال الفاشي الذي تأسّس كيانه على الإرهاب والمجازر.
وأوضح حمدان خلال مؤتمر صحفي اليوم الإثنين، أن العدو الصهيوني مارس سلوكه الإجرامي منذ بدء العدوان، متّخِذاً المدنيين العزَّل والأبرياء، والبُنى التحتية، والمرافق المدنية هدفاً لحربه الإجرامية، فَقتل وأعدم بدم بارد حتَّى اليوم أكثر من 36 ألفاً ارتقوا شهداء، ونحو 81 ألفَ جريح، وأكثر 10 آلاف مفقود، أغلبهم من النساء والأطفال، ودمَّر المستشفيات والمدارس والمساجد والكنائس، وكافة المرافق المدنية، ولاحق النَّازحين إلى أمكان نزوحهم، وأحرق خيامهم، ومنع عنهم كل مقوّمات الحياة الإنسانية، وأمعن في حرب التجويع والتهجير والإبادة الجماعية.
محرقة الخيام
وأشار إلى أن الاحتلال صعَّد من مجازره المروّعة التي يرتكبها ضد المدنيين العزّل من النساء والأطفال والنازحين في مراكز لجوئهم ومخيماتهم في رفح وجباليا وغزَّة خلال الأيام الماضية، وكان آخرها محرقة الخيام في محيط مقرّ وكالة الأونروا، مضيفًا: “استهدف الاحتلال فيها بقنابل وصواريخ الحقد والإرهاب الأمريكية الآلاف من أبناء شعبنا، وأغلبهم من الأطفال والنساء والمرضى والشيوخ، وهم نائمون في خيامهم، حيث تفحّمت جثامينهم الطاهرة، وتمزّقت أجسادهم أشلاء، وارتقى منهم 45 شهيداً؛ منهم 23 من النساء والأطفال وكبار السن، و249 جريحاً”.
وشدد على أن هذه المجزرة وغيرها من المجازر التي يرتكبها الاحتلال الصهيو-نازي في كامل قطاع غزَّة، تنسف ادّعاء الاحتلال والإدارة الأمريكية بأنَّ هناك مناطق آمنة في القطاع، مبينًا أن كل المجازر التي ينفذها الاحتلال ضدَّ المدنيين والأبرياء من أبناء شعبنا هي في مناطق صنّفها العدو نفسه بأنها آمنة، ما يدلّل على إصراره وتعمّده ارتكاب هذه المجازر، ومحاولاته اليائسة تهجير أبناء شعبنا، عبر سوق الأكاذيب والادّعاءات من أجل تبرير جرائمه المروّعة بحق المدنيين.
وقال القيادي حمدان: “يعدُّ توقيت تنفيذ هذه المجازر خلال اليومين الماضيين إعلانَ تحدٍّ من حكومة المجرم نتنياهو الصهيو-نازية، لقرارات محكمة العدل الدولية الأخيرة، التي أمرت بوقف العملية العسكرية في مدينة رفح، ما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية تاريخية لوضح حدّ لهذه الغطرسة الصهيونية، ووقف عدوان هذا الكيان المارق الذي يحاول فرض نفسه قوةً فوق القانون الدولي، وفوق المحاسبة على جرائمه ومجازره، برعاية كاملة من الإدارة الأمريكية، الشريكة في كلّ هذه الجرائم بدعمه السياسي، وعتاده الذي يُقتَل به شعبنا، وتمويله غير المحدود لجريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة”.
وأضاف: “أنَّ ادّعاء الاحتلال وجود مسلّحين في مكان المجزرة أثناء تنفيذها هو ادّعاء وقح وكاذب، تدحضه صور جثامين المدنيين الشهداء من الأطفال والنساء، بالإضافة إلى أنَّ المنطقة تقع غرب رفح وهي بعيدة عن منطقة عمليات الاحتلال وتوغله في رفح، كما أنَّ ادّعاءه بأنَّ هذا العدوان جاء وفق “القانون الدولي” هو محض افتراء على القانون الدولي واستخفافه به، وتؤكد هذه الجريمة الصهيو- نازية للعالم وبشكل قاطع حقيقة سلوك الكيان الصهيوني الذي تمرّس على الاستهتار بالقوانين وانتهاك كل المواثيق والأعراف الدولية، والتهرّب من المساءلة القانونية بدعم من الإدارة الأمريكية”.
وتابع: “تتحمل الإدارة الأمريكية ورئيسها بايدن شخصياً المسؤولية الكاملة عن هذه المجزرة البشعة بحقّ النازحين في رفح، وعن كافة جرائم الاحتلال في قطاع غزَّة، وذلك باستمرارها في توفير الغطاء السياسي والعسكري للاحتلال، ومواصلة إمداده بالعتاد العسكري، والقنابل التي تقتل يومياً العشرات من الأطفال والنساء والمدنيين”.
بطولات المقاومة
وأكد القيادي حمدان أنَّ بطولات كتائب القسَّام وسرايا القدس وفصائل المقاومة المستمرة في التصدّي الأسطوري لجيش الاحتلال في كافة المحاور من قطاع غزة، تكذب مزاعم الصهاينة بضرب المقاومة في غزَّة أو ردعها، وتؤكّد مجدّداً أنَّ رجالها الأبطال يديرون معركة طوفان الأقصى بكل قوَّة وبسالة وحكمة واقتدار.
ونوَّه إلى إنَّ محاولات الاحتلال اليائسة تصعيده العسكري عبر ارتكاب المزيد من المجازر في كامل القطاع لن تفلح في ممارسة الضغط من أجل تحقيق أيّ نصر مزعوم، مضيفًا: “ليس لهذا العدو الصهيو-نازي إلا الرّضوخ والاستجابة لشروط المقاومة”.
وشدد حمدان أن الاحتلال الصهيوني لن يستعيد أسراه لدى المقاومة إلاَّ وفق شروط المقاومة التي قُدّمت للوسطاء في مصر وقطر، عبر صفقة حقيقية وجادة، مضيفًا: “كلّما تأخّر (نتن ياهو) وداعموه عن هذا الاستحقاق، فقد المزيد من أسراه حياته على يد جيشهم وبالقصف الصهيوني وبالصواريخ الأمريكية، وإنَّ استمرار التهرّب والمماطلة واستمرار القصف والعدوان، يعني أنَّ أسراهم قد لا يعودون إلاّ جثثاً، وربَّما لا يعودون”.
ملف المفاوضات
وفيما يتعلق بملف المفاوضات قال حمدان: “ما يُتداول بخصوص المفاوضات، نؤكّد أنَّه لم يصلنا شيء من الوسطاء، والمطلوب بشكل واضح هو وقف العدوان بشكل دائم وكامل في كلّ قطاع غزَّة، وليس في رفح وحدها، وهذه نقطة الارتكاز ونقطة البداية”.
وطالب المجتمع الدولي باتخاذ موقف واضحٍ من جرائم الاحتلال بإدانتها ورفضها، والعمل بكافة السبل لوقفها عاجلاً، وإنهاء هذا العدوان الهمجي، وتجاوُز الإرادة الأمريكية الظالمة وضغوطها.
وأضاف: “أنَّ على مجلس الأمن الدولي إصدارُ قرارٍ بإنفاذ أوامر محكمة العدل الدولية، بوقف العدوان فوراً، وإدخال كافة المساعدات الإنسانية لشعبنا، والوقود والمستلزمات الطبية لمستشفياتنا، وإنهاء هذه المأساة الإنسانية التي صنعتها آلة الاحتلال الحربية الفاشية”.
ودعا المجتمع الدولي إلى ترجمة قرارات الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية إلى عقوبات ضدَّ الكيان الصهيوني، وعلى رأسها وقف التّمويل بالسّلاح والعتاد العسكري، الذي يستخدمه الاحتلال النازي في ارتكاب المجازر وليس آخرها مجزرة رفح أمس.
وتابع: “لقد باتت الصهيونية مرادفاً للنَّازية، ومكافئاً لها، ولا بدَّ من وضعها قانونياً وسياسياً في ذات الخانة والمرتبة، وقد آن الأوان لتعريف هذا الكيان الغاصب على حقيقته، كياناً صهيو-نازياً”.
معبر رفح
وفيما يتعلق بمعبر رفح البري أكد القيادي حمدان أنَّ معبر رفح هو معبر مصري فلسطيني خالص، وأنَّ الاعتداء عليه أو احتلاله من قبل جيش الاحتلال هو انتهاك لسيادة وأمن واستقرار مصر الشقيقة، ويعمّق المأساة الإنسانية لأهلنا في قطاع غزَّة.
وجدد حمدان الدعوة إلى الشقيقة مصر، للعمل على إلزام الاحتلال بالانسحاب من معبر رفح، وإعادة فتحه أمام حركة المواطنين والمساعدات دون قيد أو شرط، والعمل بشكل عاجل على إخراج الجرحى للعلاج، مؤكداً أن المنظومة الصحية في قطاع غزة عموماً في حالة انهيار كامل، بفعل الاستهداف الوحشي الصهيو-نازي للمستشفيات والمراكز الطبية.
الانتفاض نصرةً لغزة
ودعا جماهير شعبنا في الضفة والقدس والداخل المحتل، إلى الانتفاض نصرة لأبناء شعبنا في غزة، والاشتباك مع قوات الاحتلال، وتفعيل وسائل المقاومة كافة ضد العدو الصهيوني.
ووجه حمدان التحيَّة للمقاومين على جبهات الإسناد كافة، في لبنان واليمن والعراق، مؤكداً أنَّ “ملحمة البطولة التي يخوضونها دعماً لأهلهم وإخوانهم في غزَّة، تُشكّل محطة تحوّل نوعية لصالح قضيتنا ومقاومتنا وصمود شعبنا، بل ونهضة أمَّتنا على طريق تحرير القدس وفلسطين بإذن الله”.
كما دعا جماهير أمتنا العربية والإسلامية، وأحرار العالم المنتفضين والمعتصمين والمحتجين في كل مكان، إلى تكثيف الحراك والفعاليات المنددة بحرب الإبادة الصهيو-نازية، والضغط لقطع كافة العلاقات مع هذا الكيان المارق، الذي يواصل استهتاره بالعالم أجمع، وبالقرارات الأممية، والمستمرّ في حرب الإبادة تلك ضد المدنيين العزل في قطاع غزَّة.