أكد نائب رئيس حركة حماس في قطاع غزة الدكتور خليل الحية، أن القضية الفلسطينية قبل “طوفان الأقصى” أزيحت عن الطاولة، وكانت الطغمة الفاشية المتطرفة الصهيونية، يقولون علنًا بعدم وجود الشعب الفلسطيني، وينشرون خرائط لفلسطين على أساس أنها بالكامل هي “دولة إسرائيل”، فيما كانت أمريكا تريد أن تجعل “إسرائيل” وكيلها بالتعاون مع من يقبل بقيادتها للمنطقة.
وشدد الدكتور الحية في لقاء مع قناة الأقصى الفضائية اليوم الأربعاء، على أن المقاومة الفلسطينية أرادت القول من خلال طوفان الأقصى، إن الشعب الفلسطيني لا يموت، وقرعت جرسًا ضخمًا أيقظ الكرة الأرضية أن هنا شعبًا يرفض الموت، في الوقت الذي كنا فيه أمام مشهد يتلاشى فيه الحق الفلسطيني.
أهداف طوفان الأقصى
وعن أهداف طوفان الأقصى قال نائب رئيس الحركة: “لدينا أسرى أكل الزمان حياتهم، وأردنا أن نخرجهم من السجون، بعد تجاهل الاحتلال أسراه الأربعة الذين نحتجزهم، وكان هدفنا في السابع من أكتوبر عملية محدودة، نرجع بعدد من الجنود الأسرى لنبادلهم بأسرانا، لكن فرقة غزة في الجيش الصهيوني انهارت تمامًا.
وأكد أن المقاومة كشفت زيف الاحتلال، وأثبتت أنه لا يستحق كل هذه الحفاوة ولا الترحيب الذي كان يحظى به، مبينًا أن عملية طوفان الأقصى حققت أبعادها السياسية والاستراتيجية والإنسانية.
وأضاف: “الاحتلال الصهيوني بعد طوفان الأقصى تعرض لهزة وفقدان ثقة وانهيار للمنظومة الأمنية، لذلك سارعت أمريكا لتنقذ هذا الكيان المهزوم، وأراد الاحتلال أن يرد الاعتبار لنفسه، بعد انهيار الأسطورة التي بناها عبر الزمن”.
فشل استخباراتي
وأشار الدكتور الحية إلى أن الاحتلال أراد الانتقام بالتهجير والقصف العشوائي والمجازر، لأنه كان أعمى استخباراتيًا، ولا يعرف شيئًا عن المقاومة في غزة، وقد فشلوا في التنبؤ بطوفان الأقصى.
ولفت إلى أن الاحتلال بنى أهدافًا كبيرة، مثل سحق حماس وإعادة الأسرى، لكن ما فعله خلال 6 أشهر تدمير 60% من غزة، وهم يعترفون بأنفسهم أنهم قضوا على 15% فقط من قدرة المقاومة في غزة.
وشدد على أن كل منطقة يخرج منها الاحتلال ثم يعود إليها يجد أسود القسام يقاتلونه من جديد، مضيفًا “الاحتلال فشل في إيجاد عملاء له في غزة، وكانت العائلات أفضل مما كنا نظن، وكنا نظن فيهم دائمًا خيرًا، وفشل في استخدام سلاح الفوضى، واستخدام بعض عناصر الأجهزة الأمنية القديمة”.
ملف المفاوضات
وفيما يتعلق بملف المفاوضات وأسرى الاحتلال قال د. الحية: “يوجد اختلاف مع الاحتلال على هدف المفاوضات، فهدفنا هو وقف العدوان تمامًا، وانسحاب كل القوات من غزة، وإبرام صفقة تبادل حقيقية، لكن نتنياهو ليس جادًا في هدفه المعلن بعودة الأسرى، وما يريده عودة مجانية لأسراه، ثم استكمال العدوان على غزة، وهدفه إطالة أمد الحرب لأطول مدة ممكنة، وهو يستخدم المفاوضات في هذا الإطار”.
وأوضح د. الحية أن نتنياهو يخشى مما بعد الحرب من ملاحقات قضائية وسياسية، ويسعى لإشعال المنطقة بنيران حرب إقليمية ليستمر في منصبه، مؤكدًا ضرورة استثمار نتائج طوفان الأقصى للحصول على الاستقلال في دولة فلسطينية على الأقل في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وأضاف: “تفاصيل المفاوضات كثيرة، بسبب محاولة الاحتلال تعقيد المفاوضات، لكن تفاصيلنا بسيطة، 1- وقف كامل لإطلاق النار، 2- انسحاب القوات وعودة النازحين، 3- صفقة تبادل حقيقية، 4- إغاثة النازحين، وإعادة الإعمار، ولا يمكن أن يكتب نجاح لأي مفاوضات ما لم تكن نهايتها أننا ذاهبون لوقف لإطلاق النار، بضمانات دولية، فلماذا نسلم الأسرى لدينا، ثم تستكمل الحرب، هل يفعل عاقل ذلك؟!”.
وعن الموقف الأمريكي من المفاوضات كشف د. الحية أن “أمريكا تبنت ورقة المفاوضات الإسرائيلية، وعدلت عليها تعديلات طفيفة لا تؤثر في جوهرها، ونحن سلمنا ردنا عليها بنفس الرد السابق الذي أثنت عليه أمريكا، وقالت إنه يتوافق مع مبادئ اجتماع باريس، لكنهم صبوا غضبهم على نفس الرد عندما قدمناه مرة أخرى”.
ملف الأسرى
وفي السياق قال د. الحية: “الاحتلال فشل في إعادة أسراه، بل قتل العشرات منهم، وقد أخرجنا بالمفاوضات عشرات المحتجزين من النساء والأطفال وبعض الأجانب الذين أسروا خطأ، خرجوا بسهولة ويسر من خلال الوساطة القطرية والمصرية بموافقتنا”.
وأضاف: تسليم الأسرى مجانًا، لن يكون، وقدمنا مرونة عن معايير صفقات التبادل السابقة، وقد عرضنا الإفراج عن 50 أسيرًا فلسطينيًا مقابل كل مجندة أسيرة، لكن الاحتلال رفض ذلك، وحتى الآن لا يوجد ضغط شعبي حقيقي في جمهور أهالي الأسرى يجبر الحكومة الصهيونية على عقد اتفاق يخرج أبناءهم، والكرة في ملعبهم”.
وتابع: “الشاب الأسير الذي نشره القسام، كانت عائلته تبحث في كل الدنيا عن أي إشارة عن مصيره، وطلبت من الوسطاء لسبب إنساني أن تخبرهم بمصيره، والقسام أرسلت رسالة قوية بنشر رسالة هذا الشاب الموجهة لنتنياهو”.
مستقبل غزة
وفيما يتعلق بمستقبل غزة أكد د. الحية أن مستقبل غزة يقرره أبناء غزة وأهل فلسطين، لا أي جهة أخرى، مضيفًا “على من يفكر باليوم التالي لإدارة غزة أن يريحوا أنفسهم، ونحن لن نقبل أي يفرض علينا على ظهر دبابة إسرائيلية”.
وأضاف: “أهل غزة يتألمون، نعم، لكنهم صامدون، وقاوموا مشروع التهجير، بل نشهد يوميا أناسًا من العالقين، يرجعون إلى قطاع غزة رغم استمرار حرب الإبادة، وستبقى غزة عصية على الكسر، وستلملم جراحاتها، وطوفان الأقصى هو بداية رحيل الاحتلال بإذن الله.
وتابع: “الذي أفشل الآلة العسكرية الدولية التي جاءت لمساندة الاحتلال، وهو الذي سيواصل النضال حتى ينال حريته واستقلاله، وعلينا الالحتاف بالصبر وبمقاومتنا ووحدتنا، ومواجهة المؤامرة التي تستهدف إنهاء القضية الفلسطينية”.
اسناد غزة
وفي السياق أكد د. الحية أن المقاومة في الضفة الغربية تشد أزرها، ومصممة على المواصلة، وبعد الفيتو الأمريكي على الاعتراف بالدولة الفلسطينية، تلاشت كل الأكاذيب التي يراهن عليها البعض.
وشدد على أن الاحتلال لم يبق خيار لأي فلسطيني في أي مكان إلا أن يمتشق سلاح المقاومة، مشيرًا إلى أن الاحتلال سلح المستوطنين بعشرات آلاف الأسلحة وسمح لهم باستباحة أي شيء في الضفة الغربية.
وأوضح أن الضفة الغربية انتقلت من تلقي الضربات إلى توجيه الضربات القاسية للعدو ومستوطنيه.
وفي رسالة إلى الفلسطينيين في الخارج واللجوء كافةً قال د. الحية: “غزة علقت الجرس في أروع ملحمة بطولية عنوانها الأقصى، في ثورة متجددة للعودة للحق التليد، وعليكم أن تكونوا أنتم أول المشاركين المدافعين، ولذلك نداؤنا لكل أبناء شعبنا في الخارج لإسناد أهلنا في الضفة وغزة”.
وطالب شعوب الأمة التي أدركت ضعف الاحتلال بإسناد كبير بإيقاف زحف التطبيع، وإيقاظ النائمين، ومحاصرة الاحتلال ومصالحه ومن يؤيده، بالنشاط الجماهيري والمجتمعي والاقتصادي.
وتوجه نائب رئيس الحركة بالتحية لكل الأحرار الذين نزلوا إلى الشوارع تضامنًا مع شعبنا وقضيتنا في كل المدن الأوروبية والأمريكية.
وفي رسالة لحلفاء المقاومة قال د. الحية: “نقدر عاليًا حلفاءنا في لبنان، المقاومة اللبنانية والفلسطينية التي تسند غزة وتقدم تضحيات جسام وتشغل الجبهة الشمالية للعدو وتكبده خسائر كبيرة، ونوجه التقدير لإخواننا في اليمن الذين حاصروا الاقتصاد الصهيوني، وأَشعروه أنه منبوذ في هذه المنطقة”.
وأضاف: “نقدر جهد جميع من آزرنا بالإغاثة والإيواء والعمل السياسي والعمل الإغاثي، وكذلك العمل المقاوم، ونحتاج المزيد”.
وفي سياق آخر قال د. الحية: “يظن الاحتلال أن الضغوط على قطر وابتزازها قد يدفعها لأن تضغط علينا، ونقول للاحتلال إن كنت تظن أننا نقبل الضغوط فأنت واهم، ونحن نقدر الوساطة للإخوة في مصر وقطر”.
وفي الختام قال د. الحية: “رسالتي لأهل غزة بأن الله ينصرنا ولن يخذل امرأة صبرت لفقد زوجها وأطفالها، ولن يخذل عائلة فقدت منزلها، أو مصابًا فقد أعضاءه، فالمزيد من الصبر والنصر حليفنا بإذن الله”.